معارض

٢٠١٣.١١.١٠–
٢٠١٤.١.٢٣

صدى الشريط

لورانس أبو حمدان

الانصات ليس طريقة الاستماع الطبيعية في إدراكنا الحسّي للعالم، بل هو ينشأ بسبب معطيات الأمكنة والأزمنة المحيطة بنا. اشتهرت القاهرة بأنها من أكثر المدن ضجيجاً في العالم، ويعود هذا الزخم الصوتي بشكل أساسي لحركة السير. ينتزع سكان القاهرة مساحة لأنفسهم عبر ضجيج المركبات العارم باستخدام مضخمات الصوت لخرق الكم الصوتي للمدينة وتحقيق السمعية فيه. هذه التضاريس المضخّمة والمتنوعة تُنتج صوتاً مدينياً مُكثفاً ومُتشعباً.


باستخدام عدد من الأجهزة، يحاول صدى الشريط توظيف أدوات المدينة بحيث تصبح وسيلة لتوثيق وإحلال وتخطيط طوبوغرافيتها السمعية المعقدة. أحد العناصر الأساسية هو شريط الخُطب الدينية الذي كان وسطاً ذو شعبية كبيرة للاستهلاك الصوتي، والذي قارب على الاختفاء تماماً من شوارع القاهرة. كان يعتبر الشريط وسطاً خصباً وسياسياً للعظات الأخلاقية الإسلامية قبل أن يتراجع الآن بشكل ملحوظ مقابل أساليب التوزيع الرقمية. ولكن الشرائط المستعملة والمنسوخة منزلياً ما زالت متوفرة في المحلات والأكشاك في مختلف مناطق المدينة.


صدى الشريط يسعى لإعادة إحياء هذا الوسط السمعي الذي يشارف على الانقراض. بدلاً من أرشفة الشرائط أو تسجيل محتوياتها، يتم استخدامها كوسط لتوثيق التركيب السمعي المعاصر للمدينة بتسجيل نطاقات مضخمات الصوت التي تُكوّن نسيجها السمعي فوق المضمون الأصلي للشرائط. بما أن الشرائط المغناطيسية لا تمحي ما يُسجل عليها أبداً، بل تقوم بمجرد إعادة ترتيب الجزيئات المغناطيسية، تبقى الخطب الدينية الأساس الذي تُسجّل عليه كل الأصوات الجديدة. وهكذا فإن الشرائط تعمل كورقة كُتب عليها مسبقاً. هي وسط يكون في آن واحد جزءاً من تاريخ المدينة السمعي ووسيلةً لتوثيق صوتها المعاصر.


يدمج المعرض ثلاثة تركيبات صوتية مختلفة بسلسلة من الصور المجهرية لسطح الشرائط. هذا التصوير للبنية الفيزيائية للشرائط يقترح وسيلة جديدة للتخطيط الاجتماعي، وسيلة تُضخّم النواحي المادية والسمعية لبعض الصراعات التي تتعلق بالحيّز والأيديولوجيا وتفاوضات أخرى حيّة في القاهرة اليوم.

القادم

الماضي